ندوة “ما بعد حل الدولتين”؛ عبد الفتاح: الدولة الواحدة بديل إنساني عن الغيتو اليهودي

عن موقع عرب48

نُشر بتاريخ: 3/ 5/ 2013

قال أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، عوض عبد الفتاح في ندوة تحت عنوان “ما بعد خيار حل الدولتين”، نظمها مركز “فان لير” في القدس، الثلاثاء الماضي، إن العيش في دولة واحدة، سواء ثنائية القومية أم دولة تقوم على المواطنة الفردية، أو أي شكل من أشكال الكونفدرالية، هو الخيار الإنساني الوحيد البديل عن الجيتو اليهودي الذي أقامته الحركة الصهيونية في قلب المنطقة العربية متحدية رغباتها وآمالها ومسببة للحروب والدمار.

شارك في الندوة، البروفيسور مناحيم كلاين أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بار إيلان”، والذي شغل نائباً لوزير الخارجية السابق شلومو بن عامي. وكذلك داني ديان الرئيس السابق لمجلس المستوطنات، وبحضور وفد كبير من صحفيين ومثقفين أتراك الذين زاروا البلاد للتعرف على الواقع السياسي واتجاهاته وخياراته. وأدار الندوة الدكتور منصور أغن، مدير مركز الاتجاهات السياسية العالمية، ومقره في مدينة اسطنبول.

وعرض مناحم كلاين موقفه الذي مرّ بتحولات في العشرة أعوام الأخيرة، من “حل الدولتين” إلى “حل دولتين” مرتبطتين بمجلس شيوخ مشترك في المستقبل، وحدود مفتوحة وتعاون في كافة المجالات وتعديل قانون العودة العنصري.

وبالنسبة لقانون العودة، يقترح قانوناً بديلاً ينصّ على منح حق المواطنة ليهود ملاحقين في دولهم بدل القانون الذي يمنح حق المواطنة لكل يهودي في العالم بصورة فورية.

أما داني ديان، فقد تحدث عن اعترافه واحترامه لما أسماه بالروايتين، رواية الإسرائيلي ورواية الفلسطيني، وقال إن للفلسطينيين طموحات شرعية، وهو موقف يُميّزه عن المستوطنين الذين لا يعترفون بوجود شعب فلسطيني كما قال.

ولكن تبين أن لا معنى لهذا الكلام حين يمضي في شرح وجهة نظره بأنه لا يؤمن بحل الدولتين ولا بحل الدولة الواحدة. وأنه يؤمن بدولة في أرض إسرائيل الكاملة مع احترام حقوق الإنسان للفلسطينيين!! وادعى أن الفلسطينيين رفضوا قبل عام 1948 وبعد 1948 التقسيم ولا يزالوا يرفضون خيار الدولتين. وقال إن الأفضل حالياً الحفاظ على الأمر الواقع حيث لا يجرؤ الفلسطينيين على إعلان انتفاضة ثالثة!!

عبد الفتاح: “لدينا الآن دولتان يهوديتان”

بدأ حديثه بالقول بصورة ساخرة أن شعار الدولتين تحقق منذ زمن طويل؛ هناك دولة يهودية في داخل منطقة الـ1948، ودولة يهودية في الضفة الغربية والقدس، هي دولة المستوطنين التي حولت الأولى إلى رهينة. ولكنه أوضح قائلاً: “هناك من يعتقد أن دولة المستوطنين أمر طارئ على السياسة الإسرائيلية، إنما الحقيقة هي أنها امتداد عضوي لنظام الأبارتهايد الكولونيالي القائم في البلاد منذ عام 1948. أن اليسار الصهيوني- حركة العمل الإسرائيلية- هي التي زرعت الاستيطان في الضفة فتحولت إلى رهينة لذلك، أي أنها خلقت مخلوقاً تمرّد عليها”.

وواصل حديثه: “هناك اليوم نظام سيطرة واحد كولونيالي، واحتلال واستعمار داخلي بين النهر والبحر، ولا بدّ من تحويله إلى نظام من المساواة والعدالة ونزع الطابع الكولونيالي الإقتلاعي والإقصائي عنه. كل ذلك جرى تحت مظلة ما يسمى بعملية السلام التي هي في الحقيقة عملية ضمّ زاحف. ما معناه أن انخراط إسرائيل في “عملية السلام” كان في الحقيقة انخراطًا في عملية قتل منهجية لفكرة الدولة على أراضي الـ67.

وأضاف، إن نظام الأبارتهايد داخل حدود ال48، قام وترسخ واستكمل سيطرته على الأرض والناس دون أن ينتبه له الكثيرون، بل وكان يجري تمجيده من قبل المحافل الدولية التي وفرت له كل الظروف الداعمة والحاضنة، مصدرةً إياه على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط في الوقت الذي كان يخضع تحت سيطرته مئات الآلاف من الفلسطينيين حاملي المواطنة الإسرائيلية لنظام عسكري قيّد حرية حركتهم، وجرّدهم من أراضيهم وأملاكهم. والأخطر أنه كرّس فصل 90% ممن كانوا داخل حدود الدولة اليهودية الموسعة وتحولوا إلى لاجئين عن وطنهم… وذلك بفضل قوانين أملاك الغائبين والعودة والمواطنة لعامي 1950و 1953.

وعلّق داني ديان على أقوال عبد الفتاح قائلا: “إنك تتحدث عن القمع وتقييد الحريات وأنت الآن تهاجم إسرائيل بحرية، بل تسافر إلى جنوب أفريقيا وتحرّض على إسرائيل وتطالب بمقاطعتها. ولا أحد يتعرّض لك. ناهيك عن وجودكم في الكنيست”!.

ورد عليه عبد الفتاح، وأيضاً رد على أسئلة الصحفيين الأتراك بأنهم يسمعون من المسؤولين الإسرائيليين أن العرب في إسرائيل يتمتعون بالحقوق والمساواة، فقال:

“ليست الديمقراطية أن يُمنح الفرد حرية التعبير وحق التصويت والترشح فيما يُسلب من أملاكه وهويته الوطنية ومن كل الحقوق الأساسية الأخرى، كالعيش بكرامة والتصرف بأملاكه بحرية، أو أن يُسلب وطنه ويُشرّد شعبه، ويُحرم من حقه في إعادة أقربائه من اللجوء إلى الوطن”.

ومضى في ردّه: “كما أنه إذا كان يعتقد داني ديان ومن يمثلهم، أن ما نقوم به اليوم من نشاطات تفضح حقيقية النظام الإسرائيلي، والمطالبة بعزله عالميًا ومن المحافل الدولية، ولا يعاقب على ذلك كما يدعي، فإن هذا ليس مردّه ديمقراطية إسرائيل بل مرده تصميننا كأفراد وكشعب على استعدادنا لدفع الثمن مقابل كفاحنا من أجل الحرية.

أنا والعديد من أبناء شعبي الذين يحملون المواطنة الإسرائيلية، تعرضنا للملاحقة والاعتداء الجسدي، والاعتقال والفصل من العمل، في محاولة لإسكاتنا… نعم ديمقراطيتكم كانت تحاول إسكاتنا دون جدوى بعد سلب الأرض والوطن وتشريد الشعب، ولكننا كنا سنقوم بذلك في كل الأحوال وبطرق مختلفة حتى لو لم تكن هناك حرية تعبير (مقيّدة).

وهذا الأمر يجعلني أعود إلى الموضوع المطروح، وهو مصير خيار الدولتين. وأقول إن هذا الشعار يتجاهل موقع المواطنين العرب في إسرائيل وكأنهم ليسوا جزءاً من الحل.

إن إسرائيل اليوم، وبعد أن انتهجت إستراتيجية الاحتواء والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ورفض تدخل القوى الدولية والإقليمية والفلسطينية الرسمية بشؤونهم (وإن كان هذا الأمر بدأ يتغيّر مؤخرًا)، تسعى إلى ربط قضيتهم بقضية الفلسطينيين في الضفة والقطاع ليس من باب إيجاد حل عادل بل من باب اعتبارهم عبئا على الدولة اليهودية وبالتالي التخلص منهم، في إطار ترسيخ الدولة اليهودية الموسعة.

وواصل حديثه:  “إن من أفضليات خيار الدولة الديمقراطية الواحدة هو إعطاؤها الأجوبة على حقوق كل أجزاء الشعب الفلسطيني وعدم ترك أي جزء خارج سياق الحل، لأن ترك أي جزء من الشعب الفلسطيني خارج الحل، سيبقيه في حالة توتر دائم  ويتحوّل إلى عنصر متفجر وعنصر عدم استقرار. أما بالنسبة لليهود الإسرائيليين فإن هذا الحل سيكون أكثر أمناً لهم، وكبديل عن حالة الحرب والعدوان الدائم عندما يتخلون عن عنصريتهم واستعمارهم، إن إسرائيل هي المكان الأكثر خطراً على اليهود. وبدل تضييع الوقت والمال والجهد، وزيادة المعاناة، في إطار البحث عن حل جزئي أصبح الوصول إليه لا يقل صعوبة عن الوصول إلى حل الدولة الواحدة؛ من الأفضل أن يصب كل ذلك في سبيل حل أكثر عدلاً وإنصافاً، بديلاً عن التقسيم والكولونيالية والعنصرية والخوف الدائم”.

وأنهى حديثه: “لا يوجد حل عادل في المدى المنظور، وربما في المتوسط، بسبب الموقف الإسرائيلي الرسمي والشعبي الآخذ بالتطرف، وبسبب الدعم الدولي (الأمريكي) تحديداً لإسرائيل وغياب الضغط. ولكن هذا الضغط سيأتي عندما ينهض الشعب الفلسطيني مجدداً ويعيد تشكيل حركته الوطنية ويستأنف نضاله ضد النظام الكولونيالي. وأتوقع أن يكون البرنامج الجديد أكثر وضوحاً فيما يتصل بالحل، إذ سيشمل على البعد الديمقراطي القائم على القيم الكونية، المساواة الكاملة. وسيكون ذا تأثير أعمق على الضمير العالمي الذي أسقط نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا وأنهى رسميًا حقبة سوداء في تاريخ هذا البلد.

وعلّق مناحيم كلاين على كلام ديان بخصوص أن الفلسطينيين لن ينتفضوا، قائلاً “إن هناك نشاطات شعبية متفرقة في الضفة رغم أن السلطة الفلسطينية تقوم بدور المقاول الثانوي للاحتلال، وأن الأمور لن تدوم على حالها”.