حملة الدولة الديمقراطية الواحدة تحيي ثورة الطلبة والاساتذة في الجامعات الامريكية والغربية

” بوقوفكم الشجاع إلى جانب الحق الفلسطيني والعدالة الكونية، تصنعون التاريخ”

إننا، أيها الطلبة والاساتذة المنتفضون في الجامعات الامريكية والغربية، فلسطينيون وغير فلسطينيين، من أجل الحق الفلسطيني والعدالة الكونية، نحييكم على وقفتكم الباسلة ضد حرب الإبادة، التي تنفذها إسرائيل بدعم ومشاركة إدارة الامبريالية الامريكية وحلفائها في أوروبا، وبعض الانظمة العربية الرجعية والمستبدة، وندعم مطالبكم بالمقاطعة و بسحب استثمارات الجامعات الامريكية في المشروع الكولونيالي الصهيوني.

إننا نتابع، بتأثر كبير، حراككم المبارك والمبهر، وجهودكم الهادفة لممارسة الضغط على صانعي القرار، لوضع حدٍّ لمقتلة العصر بحق أهل غزة والشعب الفلسطيني عموما. كما نتابع حملات القمع غير المسبوقة، وحملات التشويه لطبيعة نضالكم الإنساني التي تغذيها اللوبيات الأمريكية والصهيونية، وتصوير هذا النضال كفعل مناهض للسامية، مع أن أعداد اليهود الأمريكيين والإسرائيليين المشاركين في هذه المعركة الديمقراطية في تعاظم مستمر، ما يعزز إنسانية ونبل اهداف هذه الانتفاضة. ونحن بدورنا نعلن عن إدانتنا واستنكارنا لهذه الحملات العدوانية.

إن ما تقومون به، في هذا الزمن الرديء، يبعث الأمل ويعزز الإيمان بإمكانية تحقيق العدالة في هذا العالم، الذي تحكمه نخب انحدرت الى مستوى غير مسبوق من الانحطاط الأخلاقي. وإننا نتطلع إلى أن يصل صدى هذه الاحتجاجات وينتقل عدواها إلى الجامعات والحراكات الطلابية في العالم العربي والاسلامي وفلسطين.

إننا ندرك المخاطر الحقيقية التي ينطوي عليها حراككم ضد استمرار المجازر في غزة، ومن أجل تحرير الشعب الفلسطيني من نظام الأبرتهايد الكولونيالي المتوحش، وتحرير اليهود من الصهيونية العنصرية، ومواجهة النظام العالمي الظالم. إننا ندرك، أنكم كطلاب، ليس سهلا عليكم التعرض لإجراءات عقابية، في فترة حرجة من حياتكم، فيها تعملون على تحديد مستقبلكم المهنيّ، وبناء مسيرة منتجة وحياة طبيعية وآمنة. وندرك أيضا أنكم، كطواقم أكاديمية، تٌعرّضون مهنتكم للخطر، لكنكم وبكل شجاعة اخترتم الوقوف الى جانب الحق، مجسدين نموذجاً أخلاقياً ملهماً للآخرين. كما ندرك أن العشرات من الأساتذة قد خسروا وظائفهم، وأن المئات من الطلاب تم تعليق دراستهم، وطردهم من دور السكن الجامعي، من قبل إدارة الجامعات المتعاونة مع الحكم. فالصهيونية ليست مجرد شعار أو تهمة. انها مشروع استعماري استيطاني إحلالي، هكذا

صُمّم منذ البداية لطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، واستبداله بمستوطنين يهود من أوروبا، ولتحويل فلسطين العربية إلى بلد يهودي.

إن النضال الفلسطيني ضد الطرد والتهجير والتطهير العرقي ليس نضالا معادياً لليهودية واليهود. فاليهودية جزءٌ من تراث وتاريخ فلسطين والمنطقة العربية. وقبل الغزو الصهيوني البريطاني لفلسطين، عاش يهود فلسطين وبقية الاقطار العربية والاسلامية بسلام وبتناغم نسبي، عبر مئات السنين. إنه نضال ضد الاحتلال والعنصرية والكولونيا لية والاستعمار والظلم.

يناضل الفلسطينيون ضد من يحتل وطنهم ويشردهم، بغض النظر عن الخلفية الدينية أو القومية أو العرقية لهذا الاحتلال الاستعماري، بالضبط كما ناضلت مختلف شعوب العالم ضد مستعمريهم ومضطهديهم. كان بإمكان اليهود القادمين من أوروبا أن يعيشوا في فلسطين بسلام وأمن، أسوة بيهود فلسطين، لو جاءوا بدون مشروع كولونيالي، وبدون مخطط لطرد المواطنين العرب واستبدالهم بقادمين من الخارج، ولاندمجوا في المجتمع الفلسطيني، بدلا من تدميره وتدمير مشروعه الحداثي الذي كان صاعدا عشية النكبة.

إن حرب الإبادة الهمجية التي ينفذها من يدّعون تمثيل ضحايا المحرقة النازية الرهيبة، إضافة إلى حملة التطهير العرقي الجارية في الضفة الغربية، ومخططات القمع والتمييز والترهيب والمصادرة المعتمدة ضد فلسطينيي ال٤٨، هي جزء من عملية طويلة ومتواصلة من الابادة والمحو، والتي يجب أن تتوقف فورا، ويستعاد الحق الفلسطيني ويحل العدل والانصاف، ويعود اللاجئون المطرودون الى وطنهم، وذلك في دولة ديمقراطية واحدة بين البحر والنهر، يعيش فيها الجميع بمساواة وسلام حقيقي ودائم.

إننا نُحيي المشاركين في هذا الحراك الآخذ في الاتساع، الذي تحول إلى طوفان شعبي حقيقي في عواصم الغرب والعالم اجمع، والذي بات مثار إعجاب وإلهام لعموم الجيل الشاب المتطلع الى الحرية والحياة الآمنة.

إنّكم تدركون، كما ندرك نحن، أن النضال الفلسطيني ليس إلا جزءا من حركة النضال العالمية المتعاظمة، من أجل حقوق كل الناس، من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة والتنمية. إنه جزء من حركةٌ تحررية جارفة تخوض نضالا في عالم تعمّق فيه الاستغلال والتمييز والفجوات الاجتماعية، والتمييز ضد النساء وتدمير البيئة.

إننا كفلسطينيين، وكيهود مناهضين للاستعمار والفصل العنصري، نقف معكم في نفس الخندق، وكشركاء في الكفاح التحرري الانساني. وأخيرا، لا يسعنا إلا أن نبارك انتفاضتكم الجبارة، فأنتم تصنعون التاريخ، وتبنون عالماً أكثر عدالة وانصافاً لشعب فلسطين ولعموم البشرية.

حملة الدولة الديمقراطية الواحدة

حيفا، رام الله، غزة، الشتات.

١ أيار ٢٠٢٤.