حملة الدولة الديمقراطية الواحدة
الوثيقة التاسيسية
توطئة
عادت في السنوات الأخيرة فكرة الدولة الديمقراطيّة الواحدة في كلّ فلسطين التاريخيّة للظهور مجدّدًا، كأفضل حل للصراع، وبدأت تكتسب تأييدا متزايدًا على المستوى الشعبي. هذه الفكرة ليست جديدة، إذ إنّ حركة التحرّر الوطنيّ الفلسطينيّة، قبل النكبة وبعدها، كانت قد تبنّتها، بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية حتى انخراطها في المفاوضات السلميّة في نهاية الثمانينيّات، والتي توّجت بتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993. فقد توخت القيادة الفلسطينيّة من هذا الاتفاق الانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة الفلسطينيّة المستقلّة على الأراضي المحتلّة عام 1967، ولكنّه انتهى بفعل التعنّت الإسرائيلي، إلى تكريس المشروع الكولونياليّ الاستيطاني، وإلى تمزيق الضفّة الغربيّة والقدس وغزّة إلى كانتونات معزولة.
لقد بات واضحًا موت حلّ الدولتين، وهو في الأساس حلّ غير منصفٍ. فقد دفنته إسرائيل بسياساتها الكولونياليّة الاستيطانيّة في الأراضي الفلسطينيّة، التي كان من المفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينيّة المستقلّة. وغدا الشعب الفلسطينيّ الذي يعيش في فلسطين التاريخيّة، بما فيه الجزء الذي يعيش تحت المواطنة الإسرائيلية، رازحًا تحت نظام قهر واحد.
في ظلّ هذه التطورات الخطيرة، والأهم، انطلاقًا من قيم العدالة والتحرر والديمقراطيّة، يتأكّد أنّ الطريق الوحيد لتحقيق العدالة والسلام الدائم هو تفكيك نظام الأبارتهايد الكولونياليّ في فلسطين التاريخيّة، وإقامة نظام سياسيّ مبني على المساواة الكاملة في الحقوق، وعلى التطبيق الكامل لحقّ العودة، من خلال وضع آليّة تصحح المظالم التاريخيّة للشعب الفلسطيني التي نتجت عن المشروع الصهيوني الكولونيالي.
وعلى خلفيّة ما تقدّم، بادر العديد من الأفراد والمجموعات، فلسطينيّين وإسرائيليّين، إلى إحياء فكرة الدولة الواحدة في العقد الأخير، بنماذج مختلفة، كالدولة ثنائيّة القوميّة والدولة الديمقراطيّة الليبراليّة والدولة الاشتراكية. ولكنّهم جميعا يلتقون حول هدف إقامة دولة ديمقراطيّة واحدة في فلسطين كبديل لنظام الأبارتهايد الكولونياليّ الذي تفرضه إسرائيل على البلاد كلّها، من البحر إلى النهر، والذي سقط نهائيا نموذجُه في جنوب أفريقيا عام 1994، بفضل النضال التحرري المشترك بين السود والبيض، الذي قاده المؤتمر الوطني الأفريقي
إنّ البرنامج السياسيّ الذي تطرحه “حملة الدولة الديمقراطية الواحدة” يوفّر قاعدة لتوطيد هذا الحلّ في الوعي العام، والذي نسعى من خلاله لحشد التأييد له بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، وبدعم من مناصري الحريّة والعدالة في العالم، وعبر كفاح مشترك ضدّ نظام الأبارتهيد. فقط عبر دولة ديمقراطيّة جامعة، متحررة من الاستعمار وترتكز على العدالة والمساواة، نضمن مستقبلًا أفضل لأبنائنا، وسلامًا حقيقيا في كلّ فلسطين التاريخيّة
البرنامج السياسي
- دولة ديمقراطيةُ- دستورية واحدة: تقام الدولة الديمقراطية الواحدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، كدوله لكل مواطنيها، بما فيهم اللاجئين الفلسطينيين، بحيث يتمتع جميع المواطنين بحقوق متساوية، إضافة إلى الحرية والأمن. هذه الدولة تكون ديمقراطية دستورية، تنبع سلطة الحكم وسَنّ القوانين فيها من إرادة الشعب، ويتمتع جميع مواطنيها بحقوق متساوية في الانتخاب والترشح لأي منصب والمساهمة في حكم البلاد.
- حق العودة والتأهيل والاندماج في المجتمع: تتبنى الدولة حق اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيشون في الشتات والذين يعيشون حالياً في فلسطين التاريخية، بما في ذلك الفلسطينيين حَمَلة المواطنة الإسرائيلية، والذين طُردوا من ديارهم عام 1948 وكذلك نسلهم، في العودة إلى البلاد، والى الأماكن التي طُردوا منها، وإعادة بناء حياتهم الشخصية ودمجهم في المجتمع والاقتصاد ومؤسسات الحكم في الدولة. وستطبق الدولة هذا الحق كاملا، وسيتم بأقصى ما يمكن إعادة الملكية الخاصة والجماعية للاجئين الفلسطينيين و/ أو الحصول على تعويضات مناسبة.
- الحقوق الفردية: لن يُسمح بقوانين أو مؤسسات أو ممارسات تجيز التمييز بين مواطني الدولة على خلفيه الانتماء الإثني أو القومي أو الثقافي أو على أساس اللون أو النوع الاجتماعي (الجندر) أو اللغة أوالدين أو الرأي السياسي أو الملكية أو التوجه الجنسي. تَمنح الدولة كل مواطنيها الحق في حرية الحركة والإقامة في أي مكان في الدولة، وكذلك حرية المُعتقَد والفكر. وبالإضاقة إلى الزواج الديني، توفر الدولة إمكانيات للزواج المدني لمن يرغب في ذلك. كما تمنح الدولة كل المواطنين حقوقا متساوية في جميع المجالات وفي جميع مؤسسات الدولة.
- الحقوق الجماعية: في إطار الدولة الديمقراطية الواحدة، سيحمي الدستور الحقوق الجماعية وحرية التنظيم – قوميا، اثنيا، دينيا، طبقيا وجندريا (على أساس النوع الاجتماعي/ الجنس)، وسيوفر الضمانات الدستورية لازدهار جميع اللغات والفنون والثقافات بحرية. لن تحظى أي جماعة في هذه الدولة، بأي امتيازات خاصة، ولن يكون لأي منها نفوذ أو سيطرة على الآخرين. ودستوريا، لن يُسمَح للبرلمان بسَنّ قوانين تميز ضد أي جماعة إثنية أو قومية أو دينية أو ثقافية أو طبقية في البلاد.
- الهجرة: سيتم الحصول على مواطنة الدولة لأناس آخرين، يريدون الهجرة إليها، من خلال إجراءات الهجرة العادية.
- بناء مجتمع مدني مشترك: تسعى الدولة إلى تنمية مُجتمع مدني حيوي، حيث سيتم تشجيع إقامة مؤسسات مدنية، وبخاصة تربوية وتعليمية واقتصادية، مشتركة.
- الاقتصاد والعدالة الاقتصادية: تسعى رؤيتنا إلى تحقيق العدالة، الاجتماعية والاقتصادية، وإلى وضع سياسة اقتصادية تتصدى لعقود من الاستغلال والتمييز التي أوجدت فجوات اجتماعية واقتصادية عميقة بين الناس الذين يعيشون في هذه البلاد. فتوزيع الدخل في إسرائيل/ فلسطين هو الأكثر تفاوتا من أي بلد في العالم. يجب على الدولة، التي تسعى إلى تحقيق العدالة، أن تضع سياسة اقتصادية إبداعية لإعادة التوزيع على المدى الطويل، وذلك لضمان حصول جميع المواطنين على فرص متكافئة في التعليم والعمالة المنتجة والأمن الاقتصادي ومستوى معيشي كريم.
- الالتزام بحقوق الإنسان والعدل والسلام: ستحافظ الدولة على القانون الدولي، وستسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية من خلال التفاوض والأمن الجماعي وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. وستقوم الدولة بالتوقيع والمصادقة على جميع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وسيرفض شعبها العنصرية وسيعزز الحقوق الاجتماعية والثقافية والسياسية على النحو المنصوص عليه في مواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة.
- دورنا في المنطقة: تتعاون “حملة الدولة الديمقراطية الواحدة” مع القوى التقدمية والديمقراطية في العالم العربي التي تناضل من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومن اجل مجتمعات ناهضة ومتحررة من الاستبداد والسيطرة الخارجية. وتحديداً تسعى الدولة الواحدة إلى تعزيز الديمقراطية والحرية في منطقه الشرق الأوسط، بحيث يتم احترام شُعوبها ومواطنيها وأديانها وتقاليدها وأيديولوجياتها، ويُحترم حقها في النضال من اجل المساواة وحرية التفكير. إن تحقيق العدالة في فلسطين سيسهم في تحقيق هذه الأهداف والطموحات الشعبية.
- مسؤوليتنا العالمية: على المستوى العالمي، تُعتبر “حملة الدولة الديمقراطية الواحدة” جزءً من القوى الديمقراطية والتقدمية التي تناضل من أجل نظام عالمي بديل، يكون تعدديا ودائما، وأكثر عدلاً ومساواة وإنسانية، وخاليا من الاستغلال والعنصرية والتعصب والقمع والحروب والاستعمار والإمبريالية، بحيث تُصان فيه كرامة الإنسان، وتُحترم حقوقه في الحرية والتوزيع العادل للثروة، وتُوفَّر له بيئة صحية مستدامة.